آخر الاخبار

shadow

موقف المحكمة الاتحادية العليا من طلبات الإفتاء وبيان الرأي تعليق على قرار المحكمة بالرقم (24 /اتحادية /2023) الصادر بتاريخ 27 /2 /2023

المستشار القانوني / الدكتور عباس مجيد الشمري

 

 

  تضمن القرار رد الدعوى المقدمة من رئيس الاتحاد العراقي المركزي لبناء الاجسام لعدم اختصاص المحكمة وتضمن القرار النص على ( وليس من بين تلك الاختصاصات والصلاحيات ما يمنح المحكمة اختصاصاً لتفسير نصوص القوانين الا بمناسبة الطعن بعدم دستوريتها ، كما ليس لها أيضاً اختصاص او صلاحية للإجابة على استفسار يرد اليها من احدى الجهات الرسمية او احدى السلطات في الدولة او النقابات او الاتحادات ومنها الاتحاد العراقي المركزي لبناء الاجسام واللياقة البدنية لبيان حدود وواجبات الاتحاد المذكور بخصوص منح الاجازات الخاصة بممارسة اللعبة وفتح قاعات بناء الاجسام...ذلك ان هذه المحكمة ليست جهة للإفتاء او بيان الرأي ) ، ولغرض الوقوف على حيثيات القرار نبين الآتي:

اولاً: من خلال تدقيق الطلب المقدم من رئيس الاتحاد العراقي المركزي لبناء الاجسام، يتضح لنا ان هناك خلاف بين الاتحاد وبين نقابة الرياضيين العراقيين بشأن التنظيم القانوني للجهة المختصة بمنح اجازات ممارسة اللعبة أو تنظيم شؤونها بصوره تامة ، وهو ما يتضح من شرح المحكمة لطلب رئيس الاتحاد بطلب تفسير نص احكام المادة (30) من قانون الاتحادات الرياضية الوطنية رقم (24) لسنة2021 الذي تضمن النص على ( أولاً : على الاتحادات وضع شروط و تعليمات و رسومات منح اجازات لممارسة لعبة او لرياضة في الاندية و المدارس و الاكاديميات تكون واجبة التطبيق و تشرف على ذلك لجنة مشكلة من الاتحاد و من لا يلتزم بها يفقد حق العضوية او المشاركة بنشاطاته الرياضية ثانياً : تحتفظ الاندية بكامل حقوقها كأعضاء في الاتحاد عند تغيير كيانها القانوني الى شركات ثالثاً : للاتحادات انشاء اكاديميات ومدارس و مراكز تدريب خاصة برياضته و بالتنسيق مع الجهات الحكومية و غير الحكومية و الشركات رابعا : يسمح للأكاديميات و المدارس المجازة رسمياً من قبلها المشاركة في نشاطات الاتحاد ) .

ثانياً: لقد نظمت احكام المادة (93) من دستور العراق لسنة 2005 ، إختصاصات المحكمة الاتحادية العليا ، ومنها اختصاصها بتفسير احكام الدستور بالنص على ( ثانياً : تفسير نصوص الدستور) فضلاً عن الاختصاصات الاخرى بأحكام الدستور او القوانين الاخرى وليس من ضمنها تفسير نصوص القانون وما جاء بأحكام المادة (4) من قانون المحكمة رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون (25) لسنة 2021 الذي نص على ( ثانياً : تفسير نصوص الدستور) و ما جاء بأحكام المادة (2) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية رقم (1) لسنة 2022 بالنص على ( تمارس المحكمة الاتحادية العليا المهام والصلاحيات والاختصاصات المنصوص عليها في المادتين (٥٢ و٩٣) من دستور جمهورية العراق ٢٠٠٥ ، والمادة (٤) من قانون المحاكمة الاتحادية العليا رقم (٣٠) لسنة ٢٠٠٥المعدل بالقانون رقم (٢٥) لسنة ٢٠٢١ والصلاحيات والاختصاصات المنصوص عليها في القوانين النافذة الاخرى .).

ثالثاً: لقد تضمن القرار بيان اختصاصات المحكمة الاتحادية بصورة واضحة، اذ ان الاختصاصات محددة كما بينا سابقاً، وان تفسير نصوص القانون لا تختص به المحكمة، فالمحكمة ليست جهة افتاء ، انما تختص بالرقابة على دستورية وتفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا الناشئة عن إجراءات السلطة الاتحادية وفق ما مبين بأحكام المادة (93) من الدستور، وليس من بينها تفسير نصوص القوانين.

رابعاً: صدرت قرارات عدة من المحكمة بينت فيه رأيها بشأن طلبات الافتاء وبيان الرأي ، كما في القرار بالرقم (14/اتحادية/2007) الصادر بتاريخ 16 /7 /2007 بالنص على ( حيث ان المادة (93) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم(30) لسنة 2005 قد حددتا اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وليس من بين هذه الاختصاصات إعطاء المشورة القانونية في المسألة المعروضة في كتاب رئاسة مجلس النواب) ، وبينت كذلك بقرار اخر بأنها ليست جهة مختصة في بيان الرأي بشأن تفسير نصوص القانون كما في القرار ( 25/اتحادية/2009) الصادر بتاريخ 23 /6 /2008،  كذلك بنفس المضمون القرار بالرقم (71/اتحادية/2010) الصادر بتاريخ 24 /10 /2010 ، اما موقفها بأحكام القرار (48/اتحادية/2021) الصادر بتاريخ 6 /6 /2021 فإنه تضمن توجهاً مهماً بهذا الشأن ، اذ تضمن القرار على اختصاص المحكمة بشأن تفسير احكام القانون بالنص على ( وان اختصاص المجلس في الافتاء وابداء الراي وتوضيح الاحكام القانونية لا يسلب سلطة القضاء وصلاحياته في تفسير احكام القانون ، كما لا يحول بين المحكمة الاتحادية العليا واختصاصها في التفسير سواء اكان ذلك بالنسبة لنصوص الدستور او القوانين النافذة وفقاً للتفصيل المشار اليه انفاً )، عليه فإن المحكمة ترى أن ذلك مقيد بأن يكون تفسير احكام القانون بمناسبة نزاع قضائي فضلاً عن أن تقديمه يكون من الجهة المختصة بتقديم الطلب لها مع الإشارة الى ان المحكمة بينت عند تفصيلها بالقرار الى اختصاص مجلس الدولة وفق احكام القانون رقم (65) لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم (71) لسنة 2017 ، اذ ان اختصاص مجلس الدولة محدد بأحكام القانون .

وبينت المحكمة بقرارها (80/اتحادية/2023) الصادر بتاريخ 8 /5 /2023 التي بينت فيه (كما ليس للمحكمة الاتحادية العليا ايضاً اختصاصاً او صلاحية للإجابة على استفسار يرد اليها من احدى الجهات الرسمية او احدى السلطات في الدولة او أحد النواب في مجلس النواب لغرض بيان الرأي، ذلك ان هذه المحكمة ليست جهة للإفتاء، وبيان الرأي...) وبنفس هذا المضمون القرار بالعدد (64/اتحادية/2023) الصادر بتاريخ 18 /4 /2023.

خامساً: يُعد التفسير بأنه تعبير عن إرادة المشرع وتحليل عبارات النص القانوني بما يجعله واضحاً وقابلاً للفهم وهو استجلاء للمعاني التي يقصدها المشرع من القواعد القانونية ، وان اختصاص المحكمة الاتحادية العليا واضح بان اختصاصاها هو تفسير النصوص الدستورية وفق احكام المادة (93) وان عملها ينصب على ذلك ، ومن الملاحظ ان المشرع بين الاختصاص التفسيري لها بخلاف بعض المحاكم الدستورية كما في  قانون المحكمة الدستورية في مصر والمشكلة بموجب احكام القانون رقم (48) لسنة 1979 الذي اعطى اختصاص لها بالنظر بتفسير النصوص التشريعية ولم يبين اختصاصها بتفسير احكام الدستور الا بمناسبة الطعن بدستورية قانون .

سادساً: ان ما يمكن ان نستخلصه من احكام القرار هو ان الدستور تضمن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بتفسير نصوص الدستور وفق احكام البند (ثانياً) من المادة (93) بالنص على ( تفسير نصوص الدستور) و يمكن لها ان تفسر احكام القانون  في حال الطعن بالرقابة الدستورية على القوانين  وفق احكام البند (اولاً) من المادة (93) أو الفصل في القضايا الناشئة عن تطبيق إجراءات السلطات الاتحادية وفق احكام البند (ثالثاً) من المادة (93) بالنص على( الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والانظمة والتعليمات والاجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية، ويكفل القانون حق كل من مجلس الوزراء وذوي الشأن من الافراد وغيرهم حق الطعن المباشر لدى المحكمة  ) اما اختصاصها الأصيل لا يتضمن بيان الرأي بنص قانوني او الإفتاء بشأنه .

سابعاً : من خلال هذا القرار والقرارات الأخرى التي صدرت عن  المحكمة ، فإن المقتضى قانوناً على الوزارات و الجهات غير المرتبطة بوزارة أو المحافظات ان تقوم بإدخال الممثلين القانونين ، وكذلك الحال بالنسبة لنقابة المحامين او اتحاد الحقوقيين العراقيين بورش تدريبية تتضمن التعريف باختصاصات المحكمة الاتحادية العليا من خلال احكام الدستور وقانونها والنظام الداخلي ، فضلاً عن ما يصدر من قرارات منها ، لا سيما التي تتضمن مبادئ دستورية او قرارات ذات اهمية لا سيما ان المحكمة الاتحادية تقوم بنشر القرارات على الموقع الإلكتروني لها ، ونرى ان المحكمة وهي تتصدى لهذه المهمة الكبيرة التي اناطها بها الدستور ان تكون خير عون لكل مؤسسات الدولة او حتى المنظمات غير الحكومية المختصة بالشأن القانوني للمساعدة في تبيان اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بما يرسخ دولة القانون .

 

 

مواضيع ذات صلة