آخر الاخبار

shadow

أهمية التصدي لِما يُعرف بفرسان الموازنة

أ.د أمين عاطف صليبا .

 

     "فرسان الموازنة" ماذا تعني؟ هذه التسمية الغريبة بعض الشيء عن أهل القانون لا سيما الدستوريين منهم! وقد تطرقت الى توضيح هذا المفهوم الجديد، بسبب متابعتي مساء الأثنين 15 نيسان حلقة "حديث بغداد" حيث كان محور النقاش يتعلق بقضايا مالية وإثراء لغالبية النافذين على حساب المال العام،والأساليب التي يعتمدونها من خلال النصوص القانونية حيث أستضاف مقدم البرنامج الأعلامي "رائد الخالدي" كل من القاضي الدكتور "وائل عبد اللطيف" والخبير المالي "مصطفى أكرم حنتوش". من الطبيعي أن لا أُقحِم نفسي في تفاصيل ما تطرق اليه كل من الضيفين كونها أمور تتعلق بتفشي الفساد في العراق، وهذا شأن يُترك الى  أهل العراق،عملاً بالمقولة الشهيرة [أهل مكة أدرى بشعابها] حيث لاحظت مهنية مقدم البرنامج وسعيه الى نقل الأفكار الى المشاهدين بشكل موضوعي وفق ما قاله كل منهما! وفي سياق هذه الحلقة أستوقفني تطرق القاضي الدكتور وائل الى مسألة دقيقة،عند إنتقاده لطريقة تحضير الموازنة وقوله بأن مجلس النواب يُدخل عند تحضيره للموازنة بعض النصوص الغريبة التي لا علاقة لها بالموازنة، فيتم التصديق عليها دون تردّد على أساس أن الدستور أعطى هذا الحق لممثلي الشعب. هذه القوانين وحشرها في قوانين الموازنة لا تقتصر على المُشرِّع العراقي،بل تشمل كافة الدول الغربية وحتى العربية،لكن القضاء الدستوري ومنذ سبعينات القرن الماضي تصدّى لهذا الإنحراف التشريعي،وعمل على إبطال تلك النصوص الدخيلة على قوانين الموازنة والمتعارف على تسميتها بأنها بمثابة (فرسان الموازنة – Cavalier Budgétaire ) ولم يتردّد في إبطالها،لأن تلك القوانين وفق ما صنَّفها الإجتهاد الدستوري حول العالم  لا يجوز تضمينها في محتوى قوانين الموازنة – ولأجل الصدف المجلس الدستوري اللبناني من خلال النظر بالطعون التي وُجِّهت ضد موازنة 2024 قد أبطل بموجب قراره رقم 3/2024 تاريخ 4/4/2024 عدة مواد كونها تعتبر من فرسان الموازنة - ،ومن خلال هذا الإجتهاد لم يعد بإمكان المُشرِّع تمريرها ضمن قوانين الموازنة. من هنا نقول إنّ ما أشار اليه القاضي الدكتور وائل في معرض حديثه التلفزيوني وإنتقاده لهذا الأسلوب في إدخال مواد لا صلة لها بالموازنة لا من قريب ولا من بعيد،هو في موقعه الصحيح وبالتالي على المحكمة الإتحادية العليا بصفتها السلطة الدستورية الساهرة على عدم الإنحراف بالتشريع،أن تسهر على الرصد المستمر لكل قوانين الموازنة لتطهيرها من  المواد التي تنطبق عليها تسمية (فرسان الموازنة) حتى ولو لم يتطرق الطاعن اليها عملاً بالمبدأ الإجتهادي،الذي يؤكد بأن القاضي الدستوري لا يتقيد بمطالب الطاعن لجهة عدم دستورية بعض المواد،حيث تُطرح كافة مواد الموازنة لرقابته، خاصة وإنّ مثل هذه المواد يُعمل على تمريرها بالتفاهم ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية! كما إن هذا الأمر يسري أيضاً على ما يُعرف بفرسان التشريع،أي أن القاضي الدستوري يعمل أيضاً على حذف النصوص التي ترد في القوانين العادية،وتكون مضامينها لا علاقة لها بنص القانون،على سبيل المثال تمرير مادة في قانون البلديات لا علاقة لها بالبلديات إطلاقاً.نعم القضاء الدستوري هو الضامن لمنع الإنحراف التشريعي إن في مجال قوانين الموازنة،أو القوانين العادية!

 



مواضيع ذات صلة