آخر الاخبار

shadow

تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 89/اتحادية/2019 في 28/10/2019

القاضي لطيف خليل ابراهيم

اولا : عرض وقائع القضية اقام المدعي عن طريق وكيلاه المحاميان شوكت سامي السامرائي ومقداد الجبوري الدعوى امام المحكمة الاتحادية العليا ضد المدعى عليه رئيس مجلس النواب اضافة الى وظيفته لعدم دستورية الفقرة (6) من القرار 44 لسنة 2008 من القرار التشريعي الذي شرعه مجلس النواب وصادق عليه مجلس الرئاسة في حينه ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد 4102 لسنة 2008 الصادرة بتاريخ 24/12/2008 والتي نصت (6- تنفيذ المتفق عليه من مطاليب القوائم والكتل السياسية وفق استحقاقها في اجهزة الدولة المناصب وكلاء الوزارات و رؤساء الهيئات والمؤسسات والدرجات الخاصة وعلى مجلس النواب الاسراع في المصادقة على الدرجات الخاصة ) واسس المدعي دعواه بأن القوائم والكتل السياسية تنفرد بالاستحواذ على هذه المناصب خلافا للدستور  وذلك لان صلاحية رفع اسماء المرشحين الى مجلس النواب للتعيين في المناصب والدرجات الخاصة حددتها المادة 61/ خامسا من الدستور وليس من بينها القوائم والكتل السياسية وايضا ليس من اختصاصات مجلس النواب اصدار القرارات التشريعية و منها القرار التشريعي موضوع الطعن لذا طلب المدعي نقض هذه الفقرة من القرار التشريعي المطعون فيه.

ثانيا : اجراءات التقاضي في هذه القضية جرت بحضور الطرفين واستمعت المحكمة الى اقوالهم ودفوعهم وفسرت المحكمة الاتحادية العليا ان قيام مجلس النواب بتشريع القرار المذكور آنفا كان في ضل وجود مجلس الرئاسة الذي انتهي دوره بأنتهاء الدورة الاولى لمجلس النواب اللاحقة لنفاذ دستور جمهورية العراق لسنة 2005 رغم ان ذلك الاختصاص ليس له سند من الدستور الا في المواضيع التي نص الدستور عليها وليس من بينها اصدار قرارات تشريعية بديلا للقوانين و وفق السياقات التي رسمها الدستور لاصدار القوانين وهذا ما قضت به المحكمة الاتحادية العليا في الحكم الذي اصدرته في الدعوى المرقمة 140/اتحادية/2018 والدعوى الموحدة 141/اتحادية/2018 الصادر بتاريخ 13/12/2018 هذا من جهة ومن جهة اخرى تجد المحكمة الاتحادية العليا ان قيام القوائم والكتل السياسية بالمطالبة بمناصب وكلاء الوزارات و رئاسة الهيئات والدرجات الخاصة في اجهزة الدولة وفق استحقاقها هو الاخر لا سند له من الدستور لان هذه العناوين ما هي الا عناوين وظيفية حدد الدستور في المادة 61/ خامسا منه الجهات التي تتولى ترشيح من تراهم مناسبين لانشغالها وفق الاختصاص والكفاءة وهذه الجهات ورد ذكرها حصرا في المادة المذكورة اعلاه وليس من بينها القوائم والكتل السياسية و ان السير في خلاف ما نص عليه الدستور خلق في نظام ادارة الدولة العراقية ما يسمى بالمحاصصة السياسية في توزيع المناصب واثر ذلك سلبا في بناء الدولة و مؤسساتها ومساراتها وادى ذلك بالاضرار بالصالح العام ومخالفة لمبدأ المساواة بين العراقيين دون تمييز بسب الجنس او العرق او الدين او القومية او المعتقد و غيرها الذي نصت عليه المادة 14 من الدستور .

وايضا خالفت الفقرة 6 من القرار المذكور لمبدأ تكافؤ الفرض الذي نصت عليه المادة 16 من الدستور التي كفلت لجميع العراقيين ان ينالوا فرصتهم في تولي المناصب وغيرها في الدولة ع اساس الكفاءة والتخصص وغيرها وبذلك تحقق للمحكمة ان الفقرة 6 من القرار التشريعي رقم 44 لسنة 2008 قد خالفت المبادئ الدستورية في المواد (61/خامسا و 14 و16 ) من الدستور وهي مواد حاكمة لم تجوز المادة 2/اولا/ج من الدستور سن تشريع يخالفها لذا قررت المحكمة الحكم بعدم دستورية الفقرة 6 من قرار مجلس النواب الصادر بالعدد44 لسنة 2008 المنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد4102 في 24/12/2008 والغاء العمل بموجبها وصدر القرار بالاتفاق باتا وملزما لسلطات كافة استنادا لاحكام المادة 94 من الدستور والمادة 5 من قانون المحكمة الاتحادية العليا وصدر القرار بتاريخ 2/10/2019 .

ثالثا : الاشكالية القانونية المثارة

لان تشريع الفقرة 6 من القرار المذكور اعلاه لا يدخل ضمن اختصاص مجلس النواب التشريعي وخالف المادة 61/خامسا لان طرق اصدار القوانين محددة بالدستور وليس من بينها اصدار قرارات تشريعية من قبل مجلس النواب وكذلك خالفت الفقرة المطعون فيها المبادئ الدستورية المنصوص عليها في المواد 14 و 16 من الدستور وادى ذلك الى عدم دستورية الفقرة المذكورة مما يثير إشكالية قانونية وهي ان تولي المناصب للدرجات المذكورة في الفقرة اعلاه قد بني على مخالفة دستورية ويترتب على ذلك اثار قانونية بسبب مخالفة الدستور تقع على عاتق القوائم والكتل السياسية التي رشحت الاشخاص الذين تولوا تلك المناصب والتابعين لها بحجة انها تكون من ضمن استحقاقاتها مخالفة بذلك لمبدأ المساواة بين العراقين ومبدأ تكافؤ الفرض والاشكالية ايضا هل القوائم والكتل السياسية تلتزم بهذا القرار وهو قرار صادر من اعلى محكمة دستورية وهي المحكمة الاتحادية العليا التي نص الدستور وقانونها ان قراراتها ملزمة لجميع السلطات في الدولة العراقية وان لم تلتزم القوائم والكتل السياسية بهذا القرار فما هو الحل القانوني وما هو الجزاء المترتب على مخالفة عدم تطبيقها لقرار المحكمة الاتحادية العليا اعلاه .

رابعا التعليق على القرار :-

المحكمة الاتحادية العليا قضت في هذا القرار بالغاء المحاصصة السياسية والحزبية والطائفية لمناصب الدرجات الخاصة والعليا ..

هذا القرار يعيد بناء الدولة العراقية على اساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ..

الدرجات المشمولة بآحكامه ..

1-   الوظائف المدنية من درجة مدير عام الى درجة وكيل وزير .

2-   الوظائف العسكرية / من درجة قائد فرقة الى درجة رئيس اركان الجيش ومعاونيه .

3-   السفراء جميعا .

4-   كل رؤوساء المؤسسات .

5-   كل رؤوساء الهيئات المستقلة .

6-   كل الدرجات الوظيفية التي نصت القوانين على كونهم من اصحاب الدرجات الخاصة .

7-   القضاة الواردة اوصافهم في المادة 61/خامسا من الدستور وهم ((رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي بالاغلبية المطلقة , بناءً على اقتراح من مجلس القضاء الاعلى )) .

كل هذه الدرجات الخاصة والوظائف العليا لا يجوز للكتل السياسية مجرد المطالبة بترشيحهم على اساس حزبي محاصصي الا بترشيح من مجلس الوزراء ( الوظائف المدنية ) او مجلس القضاء الاعلى (بالنسبة للقضاة ) ويتم اقرارها والمصادقة عليها من مجلس النواب وبخلافه ستكون جميع التعيينات موجبة للمسؤولية الدستورية والقانونية والبطلان .

7  - المحافظون

8-   كثير من الدرجات الخاصة الاخرى التي نصت عليها القوانين

وكان لهذا القرار صدى اعلامي واسع لأهميته في القضاء على المحاصصة في توزيع المناصب في الدرجات المهمة في ادارة الدولة وكان للمدعي ووكيلاه المحاميان شوكت سامي السامرائي و مقداد الجبوري الدور الكبير في اصدار مثل هذا القرار والشجاعة الكافية لإثارة هذا الموضوع المهم لبناء الدولة العراقية بشكل صحيح وفرصة لرئيس الوزراء ان يعطي المنصب في هذه الدرجات على اساس الكفاءة والعلمية والنزاهة لا على اساس المحاصصة للقوائم والكتل التي شرعت هذه الفقرة من القرار المذكور لصالحها وذلك بإلغاء المحاصصة السياسية واعتماد استقلالية كافة موظفي ومنتسبي الدولة دون استثناء لان نظام إدارة الدولة على اساس المحاصصة السياسية غيب دور المسائلة في إدارة المنصب بصورة سيئة على اساس نظام المحاصصة التي أقامتها القوائم والكتل السياسية وأدى ذلك الى تفشي الفساد والمحسوبية والمنسوبية بتولي المناصب والتعينات في كافة مفاصل الدولة واصبحت الدولة عاجزة عن خدمة الشعب في كافة المجالات وهذا ما أثبتته تجربة الحكم للسنوات السابقة الذي أنهى التنمية الاقتصادية والصناعية والزراعية واثر على المجتمع بتفشي الجريمة على كافة الأصعدة وانهيار البنية الاجتماعية للمجتمع العراقي مما يقتضي إعادة النظر في بناء نظام الدولة العراقية في مختلف المجالات وعلى من يتولى المناصب المشار إليها في الفقرة المطعون فيها اعلاه يجب ان يتمتع بأربعه معايير وهي الاخلاص والنزاهة والكفاءة الإدارية والعلمية والأداء والإنجاز ويجب ان يقيم عمله من قبل لجنة مختصة تتألف من أعضاء مهنيين في كافة الاختصاصات وترفع توصية الى البرلمان خلال مدة سنة لتقيم عملهم وتثبيتهم بمواقعهم او عزلهم في حالة عدم تمتعهم بالمعايير أعلاه لكي يتم بناء نظام إدارة الدولة العراقية بصورة صحيحة والتخلص من المحاصصة السياسية التي اضرت بالمجتمع العراقي وتجاوز الإخفاقات السابقة في إدارة الدولة لخدمة الشعب العراقي بكافة أطيافه وتبنى الدولة ومؤسساتها على المهنية والعلمية والنزاهة وعلى اساس مبدأ تكافؤ الفرص بين العراقيين ..

                                                                                                                                                                                  

                                                                                           القاضي

                                                                                    لطيف خليل ابراهيم

                                                                            قاضي استئناف ديالى الاتحادية

للاطــــــــــــلاع عــــلـــــى القـــــــــــــرار     اضغـــــــــــــط هـــــــــــــــــنـــــــــــا       

مواضيع ذات صلة