آخر الاخبار

shadow

تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق 21/اتحادية /اعلام /2014في 18/12/2014

القاضي محسن جميل جريح

تعليق على قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق 21/اتحادية /اعلام /2014في 18/12/2014

(لاتعد اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت مخالفة للدستور لانها شرعت وفق الشكلية القانونية التي نص عليها الدستور وان الادعاء بأن هذه الاتفاقية قد اضرت بالعراق فأن مثاره يخرج عن اختصاص المحكمة ).

 المدعية /ع .ن.ج

المدعى عليه /رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته

 

 لقرار /لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد ان وكيل المدعية يطلب في عريضة دعواه من المحكمة الاتحادية العليا الحكم بألغاء قانون تصديق اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في خور عبد الله والذي اصدره مجلس النواب العراقي في 22/8/2013وذلك للأضرار التي اصابت العراق ولاقرار البرلمان بموجب الاتفاقية سيادة الكويت على خور عبد الله وما يترتب عليه من خسارة العراق للمنصات النفطية العائمة اضافة الى ان الاتفاقية جاءت مخالفة للمواد (1)و (51)و (61/رابعا" )من دستور جمهورية العراق لعام 2005والمادة 127من النظام الداخلي لمجلس النواب ولدى الرجوع الى المادة (61/رابعا" )من الدستور وجد انها تنص على اختصاص مجلس النواب على (تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب )يتضح من ذلك ان هناك فارق بين تشريع قانون كيفية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية وهو يسن بأغلبية الثلثين وبين تصديق المعاهدة بقانون ويسن في هذه الحالة بالاغلبية البسيطة وحيث ان النص المذكور يخص الاغلبية بالثلثين لتمرير قانون المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات التي تبرم بين العراق ودول العالم الاخرى وليس لتمرير المصادقة على قانون الاتفاقيات

الخاصة الدولية التي تبرم بين العراق وغيره من الدول وان ذلك يتطلب الاغلبية البسيطة لعدد اعضاء مجلس النواب الحاضرين استنادا" للمادة (59/ثانيا" من الدستور وليس المادة (61/رابعا" )من الدستور التي اشترط الدستور ان ينظم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء مجلس النواب والذي لم يشرع لحد الان وحيث ان القانون محل الطعن قد استوفى الشكلية القانونية التي نص عليها الدستور في قانون مجلس النواب وذلك بالموافقة عليه بالاغلبية البسيطة لعدد اعضاء المجلس الحاضرين ,لذا تكون دعوى المدعية من هذه الجهة غير مستندة على اساس من الدستور او القانون ام الطعن بالاتفاقية بانها اضرت بالجانب العراقي للأسباب الواردة في مقدمة القرار فأن النظر في الطعن المثار بهذا الصدد لايدخل ضمن اختصاص المحكمة العليا المنصوص عليه في المادة (93)من الدستور وفي المادة (4)من قانون المحكمة الاتحادية العليا للأسباب المتقدمة تكون دعوى المدعية واجبة الرد من هاتين الجهتين قررت المحكمة الاتحادية العليا رد دعوى المدعية مع تحميلها مصاريفها كافة واتعاب المحاماة لوكيلي المدعى عليه الموظفان الحقوقيان س.ط .ي و هـ .م .س مبلغ قدره مائة الف دينار مناصفة بينهما وصدر القرار بالاتفاق باتا" وافهم علنا" في 18/12/2014

مبدأ المشروعية وسمو الدستور

 يعتبر الدستور هو القانون الاعلى في الدولة وحسب مبدأ تدرج القواعد القانونية ياتي الدستور في قمة الهرم التشريعي ثم القانون ثم اللوائح والانظمة والتعليمات ,وبعض الانظمة تعطي للمعاهدات مرتبة القانون ,اذا ما تم المصادقة عليها.ان المحكمة الاتحادية العليا تمارس دورها في الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور والاختصاصات الاخرى التي نصت عليها المادة 93من الدستور العراقي الحالي ومن المادة (4)من قانون المحكمة ,وتمارس المحكمة الاتحادية العليا دورها في التحقق من وجود مخالفة القوانين النافذة للدستور والغائها بعد اقامة الدعوى الدستورية وحسب ما منصوص عليه من اجراءات متبعة بموجب القانون و من يحق له الطعن بعدم الدستورية واجراءات التقاضي .


 
ومبدأ سيادة الدستور يعني وجود دستور يجب ان تحترم قواعده وان القوانين العادية لايمكنها ان تأتي بأحكام تخالف بها ما نص عليه الدستور ولايجوز للسلطة التشريعية ان تشرع قانون يخالف احكام ونصوص الدستور بمعنى ان التشريعات التي تشرع يجب ان لا تتعارض مع احكام الدستور ولايوجد فيها نص يتعارض ويخالف مبدأ او نص في الدستور والوسيلة الوحيدة لضمان احترام مبدأ دستورية القوانين هو الرقابة الدستورية والرقابة على دستورية القوانين يشمل ما تصدره السلطة التشريعية من قوانين وما تصدره السلطة التنفيذية من احكام وقواعد تنظيمية وقد اثيرت تساؤلات حول مدى شمول الرقابة على دستورية المعاهات التي تعقدها الدولة ومدى مطابقتها للدستور بمعنى يجب ان لاتتعارض مع نصوص الدستور ,وقد اشترط الدستور العراقي لنفاذ المعاهدات والاتفاقيات الدولية والمصادقة عليها بقانون يسن بأغلبية ثلثي اعضاء البرلمان (المادة 61/رابعا" من الدستور )ومن غير ذلك فأن المعاهدات لاتكون ملزمة للحكومة ولا منتجة لاثرها القانوني ,وان اجراءات سن القانون العادي تكون حاضرة وواجبة الاتباع لاصدار القانون الذي تدخل فيه المعاهدة حيز التنفيذ ولابد ان ينشر قانون المصادقة على الاتفاقية بالجريدة الرسمية وبذلك فأن المعاهدة بهذه الحالة تكون عبارة عن قانون عادي يمكن خضوعه لرقابة المحكمة الاتحادية وهذا ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية في قرار لها عندما طلب احد المواطنين ابطال (الاتفاقية العراقية الاميركية )وان المحكمة ردت الطلب لكون الاتفاقية وقت رفع الدعوى كانت في طور التشريع ولم تصبح قانونا" وفق الاجراءات الدستورية ولم تنشر بالجريدة الرسمية وان رفع الدعوى كان قبل  اوانها(قرار المحكمة الاتحادية العليا 44/اتحادية /2009في 9/2/2009)وعلى هذا الاساس فأن المحكمة الاتحادية تقر بجواز الرقابة على دستورية المعاهدات والاتفاقيات الدولية ,وهذا الاتجاه يتفق مع ما ذهب اليه المشرع الالماني الذي اعطى الرقابة على دستورية المعاهدات للمحكمة الدستورية ,كذلك اعطى المشرع المصري للمعاهدة قوة القانون وذلك بعد ابرامها والتصديق عليها ونشرها وفقا لاوضاع المقررة في المادة 151/من الدستور.

ومن هنا نجد ان المعاهدة وبعد المصادقة عليها وفقا" للأجراءات القانونية النافذة ونشرها بالجريدة الرسمية تصبح بمثابة القانون وتصبح جزء من النظام القانوني الوطني ويجب عدم الاكتفاء من ان الاتفاقية قد اتبعت بشأنها الاصول القانونية المتبعة للتصديق بل يجب التأكد من ان هذه المعاهدة لاتمس المبادئ الدستورية الاساسية للدولة والقاضي الدستوري يكون في حالة مواجهه بين دوره كحارس للدستور وبين التعبير عن الارادة السياسية من قبل السلطة السياسية في الدولة وعليه فأن مبدأ الرقابة على دستورية احكام المعاهدات الدولية يكون من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا.

 الاشكالية القانونية .هل ان المحكمة الاتحادية العليا في العراق تتصدى للرقابة على دستورية المعاهدات الدولية التي يوقعها العراق من حيث الموضوع او من حيث تصديقها حسب الشكلية القانونية المنصوص عليها بالدستور ؟

 ان المحكمة الاتحادية العليا في العراق وفي القرار موضوع الدراسة اشارت الى ان التصدي لكون الاتفاقية تتعارض مع الدستور هو خارج عن اختصاص المحكمة وتصدت الى الشكلية التي مرت بها  تصديق الاتفاقية وانها شرعت وفق الشكلية القانونية في حين انها تصدت للطعن بدستورية المعاهدات عندما عرضت عليها دعوى الطعن بدستورية اتفاقية انسحاب القوات الامريكية وردت الدعوى لكون المعاهدة وقت رفع الدعوى لم تدخل حيز النفاذ (القرار 44/اتحادية /2009في 9/2/2009)

الخاتمة

ان واجب القضاء الدستوري بحماية الدستور يجب ان لا يكون الا مطلقا" غير مجزءا" او منقوصا" وكل استثناء على اختصاص القضاء الدستوري بحماية الدستور دون نص صريح مخالف لهذا الاصل ومهدد لغاية الرقابة ,لذا فأن الرقابة الدستورية بالية التصدي من مهام القضاء الدستوري ولا تحتاج اي تصريح خاص كون استثنائها واخراجها من بين اليات الرقابة الاخرى هو الذي يحتاج الى نص صريح وان الرقابة على دستورية المعاهدات الدولية يقع ضمن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا لكون المعاهدة وبعد التوقيع عليها والمصادقة عليها وفق الشكلية القانونية المنصوص عليها ونشرها بالجريدة الرسمية تصبح ببحكم القانون وهي واجبة النفاذ وتكون احكامها ملزمة وبالتالي فأن اي نص تتظمنه المعاهدة ويتعارض مع احكام ونصوص الدستور ,يكون لزاما" على المحكمة الاتحادية التصدي له والحكم بعدم دستوريته وان عدم النص صراحة على خضوع الطعن بدستورية المعاهدات الدولية ضمن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا لايخرج التصدي للطعن بعدم دستورية المعاهدات من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا كونه يدخل في صلب اختصاصاتها.

 للاطلاع على القرار اضغط هنا

                                                                            القاضي

                                                                       محسن جميل جريح

                                                      نائب رئيس محكمة أستئناف البصرة الاتحادية

                                                                            13/1/2021

مواضيع ذات صلة