آخر الاخبار

shadow

استقلالية القاضي بقراره دستورياً

القاضي ناصر عمران الموسوي

يشكل مبدأ استقلالية  القاضي بقراره  في اصدار الحكم حجر الزاوية الرصين في اقامة صرح العدالة الذي يتفيأ بظلاله المظلومون وتقهر تحت اعمدته  عنجهية الظلم والعدوان وتستقر عنده النفوس فتطمأن وهو غاية ما تطلبه الرؤية الانسانية المجبولة بالسعي نحو تكريس قيمها اخلاقيا واجتماعياً، واستقلالية قرار القاضي من الاهمية بمكان في خضم التداعيات التي يعيشها المجتمع العراقي من تحديات الارهاب واسقاطاته وبخاصة بعد ان لفض انفاسه الاخيرة كتحدي لكيان الدولة ووجودها على تراب الوطن وآفة الفساد التي لا يمكن ان تنتهي الا بإحالة الفاسدين الى القضاء وتحقيق الردع العام عبر اصدار قرارات واحكام قضائية بحقهم تقض مضجع الفساد والمفسدين وذلك  يتأتى عبر ثنائيتين مهمتين اولهما الرؤية القانونية المرتبطة بالعمل القضائي وعلاقة القاضي بطلبات الشكوى وحيثيات الدعوى ادلتها واسانيدها والنظرة الواحدة للمتداعين والتطبيق السليم للإجراءات الشكلية التي تقتضيها الدعاوى والشكاوى ثم الاحتدام الكبير بين التصرف والسلوك القانوني و الواقعة المادية وبين النص القانوني المنطبق عليه وهي رحلة مخاض قانونية بحاجة الى مناخات سليمة وصحية وهذه المناخات هي البيئة المنتجة للقرار والتي ينتمي اليها القاضي وهي رحلة ممتدة بين الاسرة والمحكمة وما بينهما ،وقد حرص المشرع الدستوري على ان تكون هذه الاستقلالية حاضرة امام لحاظه فأحاطها بمجموعة من الضمانات الدستورية اولها  ما تضمنته المادة (47) من الدستور والتي تنص (تتكون السلطات الاتحادية، من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات) ومبدأ الفصل بين السلطات  جعل السلطة القضائية تتخطى سنوات  عديدة  من هيمنة السلطة التنفيذية على العمل القضائي اداريا وعمليا ابان مرحلة الرأي الواحد والقرار الواحد والادارة الواحدة والقائد الواحد ثم استقلالية السلطة القضائية التي شكلت احد اعمدة السلطات الاتحادية للدولة وصورة التطبيق الديمقراطي لدولة المؤسسات والقانون فكان الفصل الثالث من الدستور تحت عنوان [السلطة القضائية] تبيانا لاستقلالية السلطة القضائية وتحديد مكوناتها وطبيعة عملها  والذي استهل  بالمادة  (87) والتي نصت على استقلالية الادارة القضائية وتحديد جهة ممارستها فذكر النص الدستوري عبارة (تتولاها ) بعد اعتبارها مستقلة فنص بما يلي: (السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفقاً للقانون) وهي مدخل لاستقلالية قرار القاضي الذي تم النص على استقلاليته بشكل مترادف في المادة (88) التي نصت  على استقلال القضاة ومنع التدخل في قضاء القضاة لأية سلطة بما فيها السلطة التي ينتمي اليها القاضي فنصت (القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة).

 وبالمقابل فان تلك الضمانات التي جاء بها الدستور والتي تلزم الجميع باستقلالية القضاء والقاضي فان هناك الزام اوجبه الدستور تعزيزاً  لقضاء القاضي وتحقيقا لعدالته فمنع القاضي ان يمتهن العمل السياسي او الوظيفي في مؤسسات الدولة التنفيذية او التشريعية فنص في المادة (98) منه (يحظر على القاضي وعضو الادعاء العام ما يأتي: أولاً:- الجمع بين الوظيفة القضائية، والوظيفتين التشريعية والتنفيذية، أو أي عملٍ آخر. ثانياً:- الانتماء إلى أي حزبٍ أو منظمةٍ سياسية، أو العمل في أي نشاط سياسي). يضاف الى ذلك فان هناك ضمانات اخرى لقرار القاضي وهي الرقابة القضائية على دستورية القوانين والمتضمنة الغاء القوانين المخالفة للدستور وذلك عن طريق اصدار حكم بذلك اضافة الى المهمة الاخرى وهي تفسير الدستور والنظر في النزاعات بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم والمحافظات الغير منتظمة بإقليم والسلطات والادارات المحلية  وهو القضاء الدستوري الذي يدخل ضمن اختصاص عمل المحكمة الاتحادية العليا المستقلة والتي تتميز قراراتها بالإلزام والبتات ، ان مبدأ استقرار الوظيفة القضائية هي الثنائية المهمة لاستقلال قرار القاضي والذي يعني ان القضاء سلطة وليست وظيفة وهي ضامنه لسيادة القانون فقرار القاضي واستقلاليته مرتبط  بسيادة القانون واستقرار المجتمع وعلى ضوء ذلك نصت المادة (97) على تنظيم مساءلة القاضي والجهات المسؤولة عن ذلك فاعتبر (القضاة غير قابلين للعزل إلا في الحالات التي يحددها القانون، كما يحدد القانون، الأحكام الخاصة بهم، وينظم مساءلتهم تأديبياً) ويترتب على ذلك الا تتمكن  السلطة التشريعية او التنفيذية من عزل القاضي ومحاسبته وحصر ذلك بيد السلطة القضائية مع توفر الضمانات القانونية للقاضي عند نقله اضرارا به او انتدابه الى وظيفة مدنية من خلال تطبيق القوانين المنظمة للعمل القضائي واهمها قانون التنظيم القضائي .

مواضيع ذات صلة