آخر الاخبار

shadow

الاتحادية العليا ...والحصانة البرلمانية

د.احمد طلال عبد الحميد البدري

 سبق وان اصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المرقم (90/ اتحادية /2019) في 28 /4 /2021 تضمن عدولاً قضائياً عن اتجاهاتها السابقة فيما يتعلق بتفسير مفهوم الحصانة البرلمانية المقررة لأعضاء مجلس النواب في حال ارتكابهم افعال جرمها قانون العقوبات ، في قضية تتلخص وقائعها بقيام المدعي ( ط.خ.ع .ز) عضو مجلس النواب بالطعن بالقرار المرقم (727) في 19/9 /2019 الصادر عن المدعى رئيس مجلس النواب (إضافة لوظيفته) المتضمن رفع الحصانة عنه ، مدعياً تضمنه خرقاً للدستور، وانه جاء نتيجة لقيامه برفع الدعوى المرقمة (55/اتحادية /2019) وموضوعها حصول خروقات للدستور اثناء جلسة التصويت لإنتخاب رئيس مجلس النواب ، وان الهدف من قرار رفع الحصانة هو الضغط على المدعي لإبطال الدعوى ، وان المدعى عليه اضافة لوظيفته قد استند للمادة (63/ج) من دستور عام (2005) التي تنص على ( لايجوز القاء القبض على العضو خارج مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهماً بجناية وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه أو إذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية ، وان هذا النص جاء استثناءاً من نص المادة (63/ ب) التي تنص على ( لا يجوز القاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي إلا إذا كان متهماً بجناية وبموافقة الاعضاء بالأغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه أو إذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية ) وطلب الغاء القرار برفع الحصانة واصدار امر ولائي بوقف اجراءات رفع الحصانة لغاية حسم هذه الدعوى ، وقد رد المدعى عليه (اضافة لوظيفته) بأن سبب رفع الحصانة جاء بناءً على طلب من الجهات القضائية استناداً لكتاب رئاسة الادعاء العام بالعدد (25/حصانه/2019) في 28 /7 /2019، كون المدعي متهماً وفق المادة (308) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل ، وهي جناية يجري التحقيق فيها من قبل محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النزاهة لتعرض المشتكي صاحب احد الشركات التجارية للابتزاز من قِبَل المدعي وقررت المحكمة استقدامه وفق هذه التهمة وبعد استكمال اجراءات التحقيق طلبت مفاتحة مجلس النواب للنظر برفع الحصانة عنه تمهيداً لإحالته للمحكمة المختصة استناداً للمادة (63/ثانياً/ب) من الدستور ، وقد قررت المحكمة رد دعوى المدعي وتحميله الرسوم والمصاريف واتعاب محاماة وكيل المدعى عليه (اضافة لوظيفته) ، إلا أن قرارها تضمن تفسيراً جديداً للحصانة البرلمانية ، هي مجموعة من الامتيازات التي تضمن للنائب حرية القيام بمهامه النيابية لحمايته من الملاحقة القانونية أو تقييده عند التعبير عن آرائه وأفكاره المتعلقة بأعمال المجلس، وهي بذلك أي الحصانة البرلمانية على نوعين، حصانة موضوعية وهي تتعلق بعدم مسؤولية اعضاء البرلمان عن الاقوال أو الافعال أو الآراء أثناء ممارستهم مهامهم النيابية، وحصانة اجرائية وهي تتعلق بعدم جواز اتخاذ أية اجراءات جنائية ضد أي من اعضاء البرلمان، في غير حالة التلبس بالجريمة، إلاّ بعد أذن المجلس التابع له ، ولذلك فإن انعدام المسؤولية البرلمانية (الحصانة) هو امتياز دستوري مقرر لأعضاء البرلمان بصفاتهم لا بأشخاصهم سواء أكانوا منتخبين أو معينين بمناسبة قيامهم بواجباتهم البرلمانية التي تتطلب حرية التعبير عن الرأي والانتقاد دون أدنى مسؤولية جنائية أو مدنية تترتب على ذلك ، وقد نص دستور جمهورية العراق لسنة 2005، على موضوع الحصانة البرلمانية في المادة (63) منه ، ومنحت المادة المذكورة صلاحيه الموافقه على رفع الحصانه البرلمانية لاعضاء مجلس النواب بموافقة الاغلبية المطلقة لأعضائه اذا قدم طلب رفع الحصانة اثناء انعقاد الفصل التشريعي مع تحقق شروط النص الاخرى ، ومنح صلاحية الموافقة على رفع الحصانة لرئيس مجلس النواب خارج مدة الفصل التشريعي باعتبار البرلمان غير منعقد ويصعب استحصال الاغلبية المطلقة لرفع الحصانة ، ولم تنص المادة المذكورة على آلية رفع الحصانة والجهات التي لها حق طلب رفع الحصانة ،  كذلك يؤخذ على النظام الداخلي للبرلمان العراقي لسنة 2006 النافذ، وقت اصدار القرار عدم تحديده آلية رفع الحصانة النيابية عن أعضاء المجلس ، حيث اكتفت المادة (20) من النظام الداخلي إلى الاشارة إلى عدم المسؤولية البرلمانية للعضو عما يبديه من آراء وما يورده من وقائع اثناء ممارسته لعمله في المجلس وأيضاً إشارة للحصانة الاجرائية التي تمنع القاء القبض على العضو خلال مدة الفصل التشريعي إلاّ إذا كان متهماً بجناية وبموافقة الاغلبية المطلقة على رفع الحصانة أو إذا ضبط متلبساً بالجرم المشهود، ولم تُبين هذه المادة الجهة المختصة في تقديم طلب رفع الحصانة البرلمانية، في حين نجد أن المادة (357) من اللائحة البرلمانية المصرية لسنة 2016 ، حددت الجهات التي لها تقديم طلب الإذن برفع الحصانة وهذه الجهات ( النائب العام، المدعي العام العسكري ، أي شخص يريد إقامة دعوى مباشرة ) ، وحددت المادة (316) من نفس اللائحة جهة النظر بالطلب وهي ( لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية ) ، وقد تكون الجهة المختصة بطلب رفع الحصانة البرلمانية وزير العدل أو المدعي العام كما هو الحال في بعض الدول العربية كالمغرب والجزائر والامارات العربية المتحدة والبحرين والسودان ولبنان، وفي إسبانيا تحال طلبات رفع الحصانة إلى المحكمة العليا، وفي بلجيكا تقدم من الوكيل العام لمحكمة الاستئناف، وفي البرتغال تحال من طرف القاضي المختص في حين أن طلب رفع الحصانة والبت في الطلب مرهون وفق المادة (20) من النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي بارادة البرلمان وحده، حيث استلزمت المادة المذكورة موافقة الاعضاء بالاغلبية المطلقة على رفع الحصانة، ويترتب على ذلك عدم امكانية تحريك الاجراءات الجنائية أو محاكمة عضو مجلس النواب إلا بعد انتهاء مدة عضويته في المجلس، ونرى أن غياب مثل هذه الآلية لتحريك الاجراءات الجنائية بحق العضو المرتكب لجرائم جنائية يخرق مبدأ المساءلة والمحاسبة لأنه يعطل تحريك الاجراءات بحق العضو ويسمح بالتهرب من قبضة العدالة والمساس بمبدأ استقلالية السلطة القضائية، فتتحول مؤسسة البرلمان من مؤسسة معنية بمكافحة  الفساد إلى مؤسسة داعمة للفساد حيث أثبتت التجربة الناتجة من تحليل بنية المؤسسات، بأن المؤسسة تكون عرضة للفساد عندما يتمتع المسؤول بامتياز احتكاري بمواجهة القانون أو المواطن وعندما يتمتع بصلاحيات واسعة تتيح له حرية التصرف، وعندما يمارس أنشطة يتعذر مراقبتها، الامر الذي يستوجب ضرورات تقييد احتكار سلطة المسؤول وامتيازاته والحد من صلاحياته كخطوة أولى على طريق محاربة الفساد ، وحيث أن الحصانة ضد الاجراءات الجنائية قيد اجرائي مؤقت مقرر لمصلحة عضو مجلس النواب يقيد ممارسة الوظيفة القضائية، ويعطي امتيازاً احتكارياً لعضو مجلس النواب على المواطنين، لذا فإن رفع الحصانة الاجرائية تحتاج لتنظيم دقيق في النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي لضمان مبدأ الشفافية والمساءلة للاعضاء في حال ارتكابهم جرائم جنائية، وهذا يتطلب وجود لجنة داخل البرلمان تتولى دراسة جدية الطلب واهميته والباعث على تحريك الاجراءات الجنائية، فإذا كان الباعث جدياً وخطيراً وبعيد عن شبهات الكيد للعضو أو التشهير فيجب رفع الحصانة وإلا كانت معتدية على اختصاص السلطة القضائية، مع امكانية طلب حضور العضو لسماع أقواله أمام القضاء وتقديم ما لديه من معلومات بخصوص الموضوع المطلوب رفع الحصانة عنه حتى لا تكون الحصانة الاجراءية دافعاً لارتكاب الجرائم والتهرب من العقوبات عن طريق مغادرة البلاد قبل انتهاء الدورة التشريعية ، كما هو الحال في مصر حيث نصت المادة (361) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري لسنة 2016 على تشكيل (لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية) تتولى التأكد من جدية طلبات رفع الحصانة دون أن تتدخل في موضوع توافر الادلة أو عدم توافرها للإدانة ويقتصر دورها على البحث على مدى كيدية الادعاء والدعوى أو الاجراء والتحقق مما إذا كان يقصد بأي منها منع العضو من أداء مسؤولياته البرلمانية في المجلس، وفي الغالب يؤذن باتخاذ الاجراءات الجنائية أو التأديبية أو برفع الدعوى الجنائية مباشرة طالما لم يثبت كيدية الاجراء أو الدعوى ، وبسبب سكوت الدستور العراقي لسنة 2005 ، والنظام الداخلي لمجلس النواب عن تنظيم الأحكام المتعلقة بإجراءات تقديم طلب رفع الحصانة والجهة المختصة بذلك، فإن الواقع العملي قد جرى على أن يتم تقديم طلب رفع الحصانة من مجلس القضاء الأعلى ، وهذا ما أيدته المحكمة الاتحادية العليا في قرارها المرقم (34/اتحادية/2008) في 24 /11 /2008 حيث قررت المحكمة الاتحادية العليا مبدأً مفاده ( لا يجوز لمجلس النواب اتخاذ قرار بحق احد اعضاءه برفع الحصانة عنه ومنعه من السفر الا بناءً على طلب من السلطة القضائية وفي حالات محددة على سبيل الحصر ) ، ورغم ان هذا القرار لم يسد القصور التشريعي المتعلق بآلية واجراءات والجهات المسؤولة عن طلب رفع الحصانة ، إلا أنه أشار الى كون البرلمان لا يملك من تلقاء نفسه رفع الحصانة عن أحد نوابه ومباشرة اجراءات بحقه دون ان يكون هنالك طلب من السلطة القضائية استناداً للمادة (47) من الدستور، وبالرجوع الى قرار المحكمة الاتحادية العليا موضوع التعليق الصادر في 28 /4 /2021 ، نجد المحكمة الاتحادية العليا وفي سابقة جديدة قد لجأت الى إيراد تعريف قضائي للحصانة البرلمانية بنوعيها الموضوعية والاجرائية وهو اتجاه برأينا محمود، وان كان الفقه القانوني قد تولى ذلك وبشيء من التفصيل  ، وانتهت الى تفسير نص المادة (63/ثانياً/ب و ج ) من دستور(2005) تفسيراً واسعاً ، حيث جاء في حيثيات اقرارها سابق الذكر ( ... مما تقدم يلاحظ ان المشرع الدستوري وضع قيداً على السلطة القضائية في اتخاذ الاجراءات الجزائية بحق عضو مجلس النواب في حالة واحدة فقط وهي عدم جواز تنفيذ مذكرة القبض على عضو مجلس النواب إلا إذا كان متهماً بجريمة جناية ، وهي الجريمة التي يعاقب عليها القانون بالإعدام او السجن اكثر من خمس سنوات الى خمس عشرة سنة بحسب نص المادة (23) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل ، وان تلك الحصانة لا تشمل حالة التلبس بجريمةٍ جناية مشهودة ، اما إذا كان عضو مجلس النواب متهماً بجريمةٍ من جرائم الجنح التي عاقب عليها القانون بالحبس الشديد او البسيط اكثر من ثلاثة أشهر الى خمس سنوات او الغرامة ، او كان متهماً بجريمةٍ مخالفةٍ والتي يعاقب عليها القانون بالحبس البسيط لمدة (24) اربع وعشرين ساعة الى ثلاثة اشهر او بالغرامة ، فبالامكان اتخاذ الاجراءات القانونية بحقه دون استحصال اذن مجلس النواب ، اذا لا حصانة لعضو مجلس النواب عنها ، ذلك ان عدم ذكر المشرع الدستوري لجريمتي الجنح والمخالفات ضمن النص المذكور آنفاً لا يعني عدم مساءلة عضو مجلس النواب في حالة ارتكابه أي منهما ، لأن ذلك يخل بمبدأ المساواة الجنائية الذي هو مظهر من مظاهر المساواة امام القانون ، فلا يجوز وضع عضو مجلس النواب فوق القانون دون بقية المواطنين الذي يمثلهم في ذلك المجلس وان مبدأ المساواة امام القانون يعد تطبيقاً صريحاً للحقوق والحريات المنصوص عليها في الباب الثاني من الدستور تحت عنوان ( الحقوق والحريات )، .....، ولاسيما ان الحصانة البرلمانية ضد المسؤولية الجزائية لاتعد امتيازاً شخصياً للنائب أو حقاً له كما أنها لم تقرر لمصلحته، وانما تعد امتيازاً مقرراً لمجلس النواب بوصفه ممثلاً للشعب بما يضمن استقلاليته في عمله وحماية لاعضائه ، لذا فإن عدم ذكر المشرع الدستوري لجريمتي الجنح والمخالفات لايعني ان مايرتكبه النائب مباح ، ولاسيما ان منهما ما تشكل خطراً على حياة الناس وامنهم وسلامتهم اضافة الى ان معظمها يتعلق بالاعتداء على الاموال العامة والخاصة ، لذا ولما تقدم ذكره لا بدّ للمحكمة الاتحادية العليا من العدول عن قراراتها السابقة بخصوص استحصال موافقة مجلس النواب بشكل مطلق عن أي جريمة يتهم بها أياً من اعضاء مجلس النواب ، واقتصار ذلك بحالة واحدة فقط وهي (عدم جواز تنفيذ مذكرة القبض الصادرة عن جريمة جناية غير مشهودة متهم بها عضو مجلس النواب خلال مدة الفصل التشريعي أو خارجه الا بعد استحصال الأذن بذلك بالاغلبية المطلقة خلال مدة الفصل التشريعي أو من رئيس مجلس النواب إذا كانت خارج مدة الفصل التشريعي ، وفيما عدا ذلك تتخذ الاجراءات القانونية بدون موافقة مجلس النواب أو رئيسه في حال اتهامه بارتكاب جريمة من جرائم الجنح والمخالفات التي لا علاقة لها بعمله داخل مجلس النواب أو احدى لجانه والموصوفة بالحصانة الموضوعية المشار إليها آنفاً ) ، واعتبار ذلك مبدأً جديداً وعدولاً عن المبدأ السابق المتعلق بحصانة عضو مجلس النواب ......) ، ويلاحظ ان المحكمة لجأت لتفسير النص الدستوري تفسيراً موسعاً رغم كون الدعوى ليست دعوى تفسيرية وهذا من وجهة نظرنا مقبول ؛ لان هذا التفسير لازم للفصل بالدعوى ، حتى وان كانت المنازعة لاتتعلق بتفسير الدستور ، ونرى ان هذا التفسير يهدف لتوفيق النص الدستوري مع الواقع الاجتماعي المنتفض ضد الفساد بكل اشكاله وممن يمارسه حتى لو كان ممثلاً للإرادة العامة ، وفي ظل عدم استجابة النص لهذا الواقع ، وهذا يعد مبرراً كافٍ لتغيير التطبيق طالما ان تعديل النص الدستوري صعب في الوقت الراهن ، إلا أنه يؤخذ على هذا التفسير التناقض رغم كون المحكمة قد استهلت قرارها بتعريف الحصانة الموضوعية والحصانة الاجرائية ، لأنها خلطت بين الاثنين ، فالحصانة الموضوعية سبب من أسباب الاباحة فما يصدر عن النائب من ارآء يعدها القانون جريمة تكون مباحة ، ولا يسأل عنها طالما أنها كانت ملزمة للقيام بعمله بوصفه ممثلاً للشعب ، وهو استعمال لحق مقرر له بموجب الدستور والنظام الداخلي للبرلمان، ولذلك نصت المادة (41) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل على ( لاجريمة اذا وقع الفعل استعمالاً لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالاً للحق ....) ، حيث حدد المشرع بعض الامثلة عن استعمال الحق ، وبالتالي فإن ما يبديه النائب من آراء اثناء دورة الانعقاد حصراً لايتعرض بسببها للمقاضاة  أمام المحاكم استناداً لنص المادة (63/ثانياً/أ) من دستور 2005 ، وهذه تمثل الحصانة الموضوعية وهي محصورة بالأقوال والآراء دون الافعال اثناء انعقاد الفصل التشريعي حصراً ، والمفهوم المخالف لهذا النص ان الافعال التي تشكل جرائم اثناء دورة الانعقاد ، وكذلك الاقوال والافعال خارج دورة الانعقاد تشكل جرائم غير مشمولة بالحصانة الموضوعية  ، ولاتحتاج اصلاً لاذن البرلمان أو رئيس البرلمان لرفع الحصانة لأنها غير محصنة بنص القانون إلا إذا كانت جناية ، اما الحصانة الاجرائية فهي متعلقة فقط بتنفيذ أمر القبض في حال كون عضو مجلس النواب متهماً بارتكاب جناية حيث اشترطت المادة (63/ ثانياً/ب/ج) من الدستور موافقه المجلس اثناء الفصل التشريعي ، وبموافقة رئيس المجلس خارج مدة الفصل التشريعي أو إذا كان متلبساً بالجرم المشهود في جناية ، اما في حال اتهام عضو مجلس النواب بارتكاب جناية ولم يصدر بحقه أمر قبض  واستجاب عضو مجلس النواب للحضور امام القضاء فإن ذلك من وجهة نظرنا لايتطلب استحصال موافقة المجلس النواب أو نائبه طالما ان هذه الجريمة غير محصنة موضوعياً  – اي لا تتعلق بابداء الرأي -  وما نبتغي قوله ان الحصانة الاجرائية مقصورة على تنفيذ أمر القبض في حال اتهام عضو مجلس النواب بارتكاب جناية ولاتعني عدم اتخاذ الاجراءات القانونية أو تحريك الشكوى الجزائية بحقه ، اذن البرلمان وفق النص المتقدم مقصور على تنفيذ أمر القبض ، ومما تقدم نجد ان نص المادة (63) من الدستور واضحة ، وان الخلل بالتفسير السابق للنص ، وبالتالي فإن عدول المحكمة عن رأيها السابق جاء صحيحاً وموافقاً للدستور ، وكان على المحكمة ان تضمن قرارها ايعازاً للسلطة التشريعية لتلافي الاغفال التشريعي المتمثل بغياب النص الذي يعالج اجراءات وآليات رفع الحصانة وتحديد الجهة التي تتولى طلب رفع الحصانة ، ومما يجدر الاشارة إليه ان المادة (20) من النظام الداخلي لمجلس النواب لسنة 2022 الجديد ، والتي نصت على مبدأ الحصانة البرلمانية لم تعالج الاغفال التشريعي المتعلق بآلية رفع الحصانة البرلمانية ، ولم تحدد الجهات التي لها حق طلب رفع الحصانة البرلمانية أو اللجنة البرلمانية المختصة بنظر طلبات رفع الحصانة البرلمانية ، نتأمل من مجلس النواب تلافي هذا الاغفال عند تعديله للنظام الداخلي في المستقبل ، والله الموفق .

 

 

 

مواضيع ذات صلة