آخر الاخبار

shadow

قرارات المحكمة الاتحادية بين الأهم والمهم

الدكتور علي حمود جاسم النوري/مدير عام الدائرة القانونية في مؤسسة السجناء السياسيين المقر العام في بغداد.

 

    في ظل الاوضاع غير الطبيعية وغير المنطقية التي يمر بها بلدنا و في ظل نظام سياسي ولِد ولادةً غير طبيعية ووسط اجواء الخلافات العقائدية والاثنية وفقدان الثقة بين مكونات الشعب و ترسخ دولة اللا قانون والمحاصصة وغياب الشعور الوطني واليأس من حصول تغيير سلمي ديمقراطي واستحالة ذلك، فإن الانظار تتجه الى رجال القضاء عموما والمحكمة الاتحادية خصوصاً، في مسك زمام الأمور و تثبيت أركان القانون وانشاء قواعد دستورية تلزم القابضين على السلطة وتؤسس الى قيام نظام سياسي يرتكز على الصحيح والمستقر من مبادىء القانون الدستوري.

و تضع الفرامل في عجلة الانحراف السائرة بالبلد نحو الهاوية.. وقد تفاءلنا كثيراً بالتوجه الجديد والمسار المسؤول للمحكمة الاتحادية عندما رفضت الانفصال و منعت الاقليم من الانفراد في ثروة النفط و تجاوز الحكومة الاتحادية اضافة الى قرارات اخرى مهمة منعت وصول بعض الفاسدين الى دست الحكم … أمام هذه التحديات التي نعيشها ويمر بها بلدنا وشعبنا وتعذّر حصول تغيير شرعي ديمقراطي واستحالة حصول تغيير ثوري ناجح ، فإن الخيار المؤمل والمعول عليه حسب وجهة نظرنا هو أخذ زمام الأمور من قِبَل رجال القضاء ، وخصوصاً المحاكم العليا ذات القرارات الباتة واقصد ( المحكمة الاتحادية العليا والمحكمة الادارية العليا ومحكمة التمييز)

هذه الجهات لو استشعرت خطورة الاوضاع التي يمر بها بلدنا وصعوبة التغيير السياسي الناجع، و شحذت هممها وتصدت للاصلاح وكل في ميدانه و نطاق عمله لتحقق الكثير مما نأمله ونسعى إليه، نعم رجال القضاء بأمكانهم فعل الكثير في ميدان التغيير والاصلاح  وفرض قيم العدالة ومبادئ الانصاف والمساواة، وبمحاولات الفكر والاجتهاد من رجال القضاء ستتسع دائرة تفسير وتكييف النصوص في الصلاحيات من أجل الصالح العام ، و لعل تجربة القضاء الدستوري الامريكي و ما فعله القاضي (مارشال) لهو خير مثال يحتذى به, فبالرغم من عدم وجود قضاء دستوري متخصص، لكن المحكمة العليا الأمريكية التي هي في قمة التنظيم القضائي أقرّت لنفسها حق الرقابة على دستورية القوانين منذ  عام ١٨٠٣، بالرغم من ان الدستور الامريكي لم ينص على هذا الحق، وذلك في الحكم الشهير الذي حكم به القاضي (مارشال) في القضية المشهورة ماربوري ضد ماديسون .

نعم اساتذتي الكرام

انا لا ادعوا الى تجاوز القانون ولا الى انتهاك احكام الدستور، ولكني أومن ان الوضع في العراق يحتاج الى عمليات جراحية ( قانونية ) حتى لو كان فيها ألم الانحراف الدستوري من أجل مصلحة أهم وأكبر، واتصور أن قاعدة التزاحم بين الأهم والمهم تفرض نفسها هنا كما ان قاعدة تحمل الضرر الأخف من أجل درأ ضرر أكبر هما الحاكمتان، فضرورة الاصلاح وكبح جماح الانحراف لدى السلطات ( تشريعية وتنفيذية ) يمثل ضرورة قصوى تبيح أي محظور، وذلك لعظمة وجسامة ما نمر به ، فالاصلاح وضبط ايقاع جموح السلطات التي انحرفت عن المسار الطبيعي للحكم القانوني يمثل أهمية قصوى والأهم يقدم على المهم ، وأرى ان من الضروري ان لا نقف حجر عثرة أمام  هذا التوجه الجراحي الذي سارت عليه المحكمة الاتحادية العليا

وان نتغاضى عن تشريح قراراتها بمشرط الاوضاع الطبيعية المستقرة، وأن نغض النظر ولو مؤقتاً لنرى نتيجة هذا الاصلاح لاسيما وأن هذه الخطوات قد لاقت تأييداً شعبياً واسعاً وهو بمنزلة إستفتاء شعبي يعطي الشرعية لقرارات المحكمة فرأي الشعب فوق الدستور و ما الدستور إلا عبارة عن خيارات الشعب في مرحلة زمنية معينة ومن حقه تغيير رؤاه ان عفا عليها الزمن أو لم تحقق له رغباته و أهدافه المشروعة.

 

مواضيع ذات صلة