آخر الاخبار

shadow

القضاء الدستوري ... لماذا

القاضي المتقاعد فتحي الجواري

يعتبر القضاء الدستوري هو الضمان الفاعل للدستور ، فهو الذي يراقب ، ويصحح أي انحراف في تنفيذ أحكام الدستور من قبل سلطات الدولة الثلاث .

لذلك كان من المطلوب ان يكون لدينا قضاء دستوري مستقل عن جميع سلطات الدولة ،  فكانت (المحكمة الاتحادية العليا) ، التي شكل وجودها علامة مضيئة في تاريخ القضاء الدستوري العربي والعراقي ، حيث أصبحت هذه المحكمة لها صيتها الحسن عالميا ، وعربيا من خلال كونها مستقلة حتى عن القضاء العادي ، لها الرأي الفصل في أي أختلاف ، أو تعارض بين اختصاصات ، وصلاحيات السلطات الثلاث . وكانت هذه المحكمة في قراراتها على مسافة واحدة من سلطات الدولة ، بما فيها السلطة القضائية . إذ تنبع قوة هذه المحكمة من حياديتها الكاملة عن جميع سلطات الدولة . إذ لاتتأثر  بأي عمل سياسي ، فانحيازها لأي طرف سياسي في أية قضية منظورة امامها ، سيؤدي الى سحب ثقة المجتمع بها . فتلك المحكمة "ولاشك" تستمد قوتها من ثقة الشعب بها ، بإعتبارها صمام الأمان لجميع مكونات الدولة . فإستقلال وحيادية المحكمة من الامور الهامة لضمان مبدأ الفصل بين السلطات ، لتكون الضامن لمنع (تغول) أية سلطة من تلك السلطات على غيرها ، او على الشعب .

ومن الطبيعي ان (المحكمة الاتحادية العليا) تؤدي دورها هذا بناءا على ما منصوص عليه في الدستور ، لذلك كانت قراراتها "ولا زالت" العامل الفعال في تحديد مسؤولية ، واختصاصات كل سلطة في مواجهة السلطات الاخرى ، ويتضح ذلك لنا "جليا" من استعراض قراراتها منذ تشكيلها عام (2005) وحتى يومنا هذا .

ان المحكمة الاتحادية العليا هي صاحبة الاختصاص في حراسة الدستور ، وهي تمارس صلاحيتها في الرقابة على التشريعات كافة ، وعلى جميع السلطات في الدولة ، بما فيها السلطة القضائية ، وهي بهذا تقف على مسافة واحدة من تلك السلطات . وأحكامها تزخر بمنع تجاوز سلطة على اختصاصات سلطة اخرى .

فكما هو معروف لدينا ان الدستور ما هو الا عقد اجتماعي بين الشعب وسلطات الدولة ، يقوم الشعب من خلاله بمنح تلك السلطات الصلاحيات اللازمة لتمارس واجباتها الدستورية ، لذلك تتدخل المحكمة الاتحادية العليا من خلال احكامها ، وقراراتها بالرقابة على منع التجاوز على الدستور من قبل اية سلطة من سلطات الدولة ، ولمنع أي تعارض ، أو تداخل بين تلك السلطات ، واختصاصاتها .

ومن هنا تاتي أهمية (القضاء الدستوري) من خلال دوره المحوري ، والفاصل لتطبيق نصوص الدستور وتفسيرها وتحديد مدى التزام السلطات كافة بصلاحياتها الدستورية ، وقد تجسد كل ذلك بما اصدرته (المحكمة الاتحادية العليا) من احكام ، وقرارات ، وتفسير لنصوص الدستور . خلال مسيرتها طيلة السنوات من عام (2005) وحتى اليوم . 

فالمحكمة الاتحادية العليا هي "وبحق" (محكمة الضمانات الدستورية) ، وهي (حارسة الدستور)، وهي (ألآلة الدستورية) لصيانة حقوق الافراد المنصوص عليها في الدستور ، من خلال ممارسة اختصاصاتها ، والبت في مدى دستورية أي تشريع نافذ .

 

مواضيع ذات صلة